1 |
[ ص: 397 ] قوله : ( باب : من سأل الناس تكثرا ) أي : فهو مذموم ، قال ابن رشيد : حديث المغيرة في النهي عن كثرة السؤال الذي أورده في الباب الذي يليه أصرح في مقصود الترجمة من حديث الباب ، وإنما آثره عليه لأن من عادته أن يترجم بالأخفى ، أو لاحتمال أن يكون المراد بالسؤال في حديث المغيرة النهي عن المسائل المشكلة كالأغلوطات ، أو السؤال عما لا يعني ، أو عما لم يقع مما يكره وقوعه ، قال : وأشار مع ذلك إلى حديث ليس على شرطه ، وهو ما أخرجه الترمذي من طريق حبشي بن جنادة في أثناء حديث مرفوع وفيه : ومن سأل الناس ليثري ماله كان خموشا في وجهه يوم القيامة ، فمن شاء فليقل ، ومن شاء فليكثر " . انتهى . وفي صحيح مسلم من طريق أبي زرعة ، عن أبي هريرة ما هو مطابق للفظ الترجمة ، فاحتمال كونه أشار إليه أولى ، ولفظه : " من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا " ، الحديث . والمعنى أنه يسأل ليجمع الكثير من غير احتياج إليه . قوله : ( عن عبيد الله بن أبي جعفر ) في رواية أبي صالح الآتية : " حدثنا عبيد الله " . قوله : ( مزعة لحم ) مزعة بضم الميم ، وحكي كسرها ، وسكون الزاي بعدها مهملة أي : قطعة ، وقال ابن التين : ضبطه بعضهم بفتح الميم والزاي ، والذي أحفظه عن المحدثين الضم . قال الخطابي : يحتمل أن يكون المراد أنه يأتي ساقطا لا قدر له ولا جاه ، أو يعذب في وجهه حتى يسقط لحمه لمشاكلة العقوبة في مواضع الجناية من الأعضاء لكونه أذل وجهه بالسؤال ، أو أنه يبعث ووجهه عظم كله فيكون ذلك شعاره الذي يعرف به . انتهى . والأول صرف للحديث عن ظاهره ، وقد يؤيده ما أخرجه الطبراني ، والبزار من حديث مسعود بن عمرو مرفوعا : لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه فلا يكون له عند الله وجه . وقال ابن أبي جمرة : معناه أنه ليس في وجهه من الحسن شيء ، لأن حسن الوجه هو بما فيه من اللحم . ومال المهلب إلى حمله على ظاهره ، وإلى أن السر فيه أن الشمس تدنو يوم القيامة ، فإذا جاء لا لحم بوجهه كانت أذية الشمس له أكثر من غيره ، قال : والمراد به من سأل تكثرا وهو غني لا تحل له الصدقة ، وأما من سأل وهو مضطر فذلك مباح له فلا يعاقب عليه . انتهى . وبهذا تظهر مناسبة إيراد هذا الطرف من حديث الشفاعة عقب هذا الحديث ، قال ابن المنير في الحاشية : لفظ الحديث دال على ذم تكثير السؤال ، والترجمة لمن سأل تكثرا ، والفرق بينهما ظاهر ، لكن لما كان المتوعد عليه على ما تشهد به القواعد هو السائل عن غنى وأن سؤال ذي الحاجة مباح ، نزل البخاري الحديث على من يسأل ليكثر ماله . ( بآدم ثم بموسى ) هذا فيه اختصار ، وسيأتي في الرقاق في حديث الشفاعة الطويل ذكر من يقصدونه بين آدم وموسى وبين موسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وكذا الكلام على بقية ما في حديث الشفاعة مما يحتاج إلى الشرح . قوله : ( وزاد عبد الله بن صالح ) كذا عند أبي ذر ، وسقط قوله : " ابن صالح " من رواية الأكثر ، [ ص: 398 ] ولهذا جزم خلف ، وأبو نعيم بأنه ابن صالح ، وقد رويناه في " الإيمان " لابن منده من طريق أبي زرعة الرازي ، عن يحيى بن بكير ، وعبد الله بن صالح جميعا عن الليث ، وساقه بلفظ : " عبد الله بن صالح " وقد رواه موصولا من طريق عبد الله بن صالح وحده البزار ، عن محمد بن إسحاق الصغاني ، والطبراني في الأوسط عن مطلب بن شعيب ، وابن منده في " كتاب الإيمان " من طريق يحيى بن عثمان ثلاثتهم عن عبد الله بن صالح ، فذكروه ، وزاد بعد قوله : " استغاثوا بآدم : فيقول : لست بصاحب ذلك " . وتابع عبد الله بن صالح على هذه الزيادة عبد الله بن عبد الحكم ، عن الليث ، أخرجه ابن منده أيضا . قوله : ( بحلقة الباب ) أي : باب الجنة ، أو هو مجاز عن القرب إلى الله تعالى ، والمقام المحمود هو الشفاعة العظمى التي اختص بها ، وهي إراحة أهل الموقف من أهوال القضاء بينهم والفراغ من حسابهم ، والمراد بأهل الجمع أهل الحشر لأنه يوم يجمع فيه الناس كلهم . وسيأتي بقية الكلام على المقام المحمود في تفسير سورة سبحان ، إن شاء الله تعالى . قوله : ( وقال معلى ) بضم الميم وفتح المهملة ، وتشديد اللام المفتوحة ، وهو ابن أسد ، وقد وصله يعقوب بن سفيان في تاريخه عنه ، ومن طريقه البيهقي ، وآخر حديثه : " مزعة لحم " . وفيه قصة لحمزة بن عبد الله بن عمر مع أبيه في ذلك ، ولهذا قيده المصنف بقوله : " في المسألة " أي : في الشق الأول من الحديث دون الزيادة ، ورويناه أيضا في " معجم أبي سعيد بن الأعرابي " . قال : حدثنا حمدان بن علي ، عن معلى بن أسد به ، وفي هذا الحديث أن هذا الوعيد يختص بمن أكثر السؤال لا من ندر ذلك منه ، ويؤخذ منه جواز سؤال غير المسلم ، لأن لفظ " الناس " يعم ، قاله ابن أبي جمرة ، وحكي عن بعض الصالحين أنه كان إذا احتاج سأل ذميا لئلا يعاقب المسلم بسببه لو رده . |
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.