0

لا تتبع النظرة النظرة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة

رواه الترمذي وحسنه الألباني

.

 أهمية غض البصر:

قال الله تبارك وتعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.

و"مِن" هنا على رأي كثير من المفسرين للتبعيض،لأن للمسلم أن  يرسل طرفه وناظره إلى ما أحل الله، ولأن أول نظرة للمحرم لا يملكها الإنسان، وإنما يغض فيما بعد ذلك، فقد وقع التبعيض بخلاف الفروج، فلم يقل: يحفظوا من فروجهم، وقال: }وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ{، إذ حفظ الفرج عام.

ثم تأمل كيف بدأ بالأمر بحفظ البصر ثم أتبعه بحفظ الفرج، وذلك لأنّ البصر الباب الأكبر إلى القلب  وطريق الفساد واتباع خطوات الشيطان الداعية للفحشاء.

{ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم وأشرح لصدورهم ، كما قيل: "مَنْ حفظ بصره، أورثه الله نورًا في بصيرته". 

وقد جعل النبي عليه الصلاة السلام النظرات الجائعة الشرهة من أحد الجنسين إلى الآخر زنى للعين  ففي الصحيح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُتِبَ على ابن آدم حَظّه من الزنى، أدرَكَ ذلك لا محالة، فَزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطقُ، وزنى الأذنين الاستماع، وزنى اليدين البطش، وزنى الرجلين الخطى، والنفس تمَنّى وتشتهي، والفرج يُصَدِّق ذلك أو يُكذبه". (مسلم 8/52)

واقع البلدان الكافرة:

مع انتشار الفساد والعري في البلاد الكافرة والسقوط الأخلاقي الذي يضرب بأطنابه في كل نواحي الحياة فإن الرجل سيلقى مشاهد مزعجة وصوراً عارية أينما ذهب، في الجامعة، وفي المطعم، وفي الحديقة، والحافلة، والقطار، وكل مكان يذهب إليه، فيحتار كثير من الناس فيما عليه أن يفعله تجاه ذلك.

وهذه بعض القواعد والضوابط التي تحكم بصر المسلم في الخارج.

ثمرات غض البصر

 

يقول ابن القيم: " في غض البصر عدة منافع:

 أحدها: أنه إمتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى, وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره وما شقي من شقى في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.

 الثاني: أنه يمنع من وصول أثر السم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.

 الثالث: أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعية على الله؛ فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله وليس على العبد شيء أضر من إطلاق البصر؛ فإنه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.

 الرابع: أنه يقوي القلب ويفرحه كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

الخامس: أنه يكسب القلب نوراً كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة, ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر فقال: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ{ ثم قال إثر ذلك: }اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ{ أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه". (الجواب الكافي 125)

قواعد في النظر للنساء:

1. إذا نظرت نظر الفجأة فاصرف بصرك:

في صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي قال:  "سألت رسول الله عن نظرة الفجأة, فأمرني أن أصرف بصري".

قال النووي في شرح مسلم: "ومعنى نظر الفجأة أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال." (14/139)

وقال عليه الصلاة والسلام: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى و ليست لك الآخرة". ( أحمد 22991 ، أبوداود 2149 , وهو حديث حسن)

وهي قاعدة ذهبية في غض البصر وحفظه عن الحرام، لا سيما في تلك البلاد.

قال ابن الجوزي‏:‏ "وهذا لأن الأُولى لم يحضرها القلب‏,‏ ولا يتأمل بها المحاسن,‏ ولا يقع الالتذاذ بها‏,‏ فمتى استدامها مقدار حضور الذهن كانت كالثانية في الإثم". (التبصرة 1/158)‏

قال ابن القيم: "ونظرة الفجأة هي النظرة الأولى التي تقع بغير قصد من الناظر، فما لم يتعمده القلب لا يعاقب عليه، فإذا نظر الثانية تعمّداً: أثم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم عند نظرة الفجأة أن يصرف بصره، ولا يستديم النظر؛ فإن استدامته كتكريره". (روضة المحبين 1/96) 

2. تجنب مواطن الخلاعة والمجون والعري في الشواطئ والتجمعات بل وحتى الطرق والممرات إلا بقدر الحاجة:

في الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر". (البخاري 2/870 مسلم 6/165)

فقد نهاهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس في الطرقات لأنها مظنة التعرض للنظر المحرم.

 فينبغي الابتعاد عن كل مظنة لظهور العري والفتنة  فلذلك قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن كان لابد، فأعطوا الطريق حقه"، وذكر من حق الطريق غض البصر. ولاشك أن أماكن العري والتفسخ  تدخل في النهي عن الجلوس والبقاء من باب أولى.

3. الحاجة تقدر بقدرها:

فإذا احتاج المسلم النظر إلى المرأة في معاملة وغير ذلك فإنه ينظر بقدر الحاجة ولا يكرر أو يتمعن.

ولا نقول له احبس نفسك في غرفتك ولا تخرج، بل انطلق إلى مهامك، واشتر حاجياتك، ونزه نفسك وأولادك ولكن بقدر الحاجة، وباختيار الأوقات والأماكن الأبعد عن الفتنة قدر المستطاع.

قال الإمام النووي: (روضة الطالبين 5/376) : "أصل الحاجة كاف في النظر إلى الوجه واليدين، وفي النظر إلى سائر الأعضاء يعتبر تأكد الحاجة".

4. تذكر أن الله مطلع على سرك ونجواك:

}يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ{. وليس من قبيل الصدفة أن تختم آية غض البصر ب{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} فراقب الله في نظراتك والتفاتاتك وغض بصرك عما حرم الله لتجد الأنس والانشراح والنور.

5. فاتقوا الله ماستطعتم:

يقول الله تبارك وتعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. واختلاف الأحوال والظروف وتباين قدرات الناس على القيام بأمر الله يتفاوت تفاوتاً كبيراً، لا يجد المفتي له حكما تفصيليّا يغطيها.

وتأتي هذه الآية لتمثل المنطلق الرحب والقاعدة الحاكمة  في حياتنا وتفيدنا من جانبين:

تشعر المسلم الذي وقع في ظروف حرجة ضاغطة بالطمأنينة والسلامة من الإثم ما دام اتقى الله ما استطاع.

تستنهض المسلم وتستحثه لمقاومة الظرف الطارئ وبذل الوسع في الاقتراب من الحكم الشرعي أكثر فأكثر، وهو إذ يفعل كل ذلك يشعر برقيب ذاتي منبعه خشية الله سبحانه وتعالى.

 

 

1. نظر الرجل لمفاتن المرأة وما يجب تغطيته محرم بإجماع المسلمين.

2. نظر المرأة للرجل جائز بدون شهوة إلى ما سوى العورة.

3. النظر إلى ما حرم الله طريق للوقوع فيما بعده من المعاصي والآثام.

4. على المرء الابتعاد عن مواطن النظر المحرم كأماكن العري والخلاعة قدر المستطاع.

5. إذا احتاج إلى النظر فإن الحاجة تقدر بقدرها بدون توسع وإفراط..

6. يحرم على المرء أن يكرر النظر إلى المحرم كما تحرم عليه استدامته.

7. على المسلم أن يراقب الله في أحواله كلها ويتذكر }إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تصْنَعُونَ{.

 المصدر موقع الدليل الفقهي

إرسال تعليق

 
Top