0

لا يوجد في القرآن الكريم سورة باسم «الرجال» لكن توجد سورة (النساء)، عدا الأنبياء والرسل  و «لقمان الحكيم» لا توجد سورة باسم «أحمد» أو «علي» أو «حسين» لكن توجد سورة باسم «مريم». لا يوجد في القرآن الكريم سورة باسم عائلة كاملة عدا سورة «آل عمران» وهي تتحدث عن نسب «مريم العذراء».

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” (الأحزاب 72). أي إن الأمانة حملها الإنسان رجالاً ونساءً، يشتركان في حملها وآدائها كلّ حسب طاقته.

ويقول: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (التوبة 71)

بطبيعة الحال فإن الصورة النمطية لـ “الرجال” وهم يحملون همّ الأمّة وأمانتها على أكتافهم هي الصورة البارزة دائما في المقدّمة. مما يحجب دور “النساء” فيها وبالتالي يحْجُبْهنّ-أنفسهّن-عن استيعاب دورهنّ في حمل هذه الأمانة. رغم أن واجباتهنّ وأدوارهنّ فيها أعمق وأكثر تأثيرًا.

قيل فيما مضى “إن وراء كلّ رجل عظيم امرأة”، مع صحة هذا القول فهو قول منقوص، لأن “وراء كل إنسان رجلاً كان أم امرأة، عظيماً كان أم فاشلاً هناك امرأة” لأن:

  • كل إنسان هو ابن لامرأة تربيه وترسم له طريق حياته.

  • كل إنسان له مسيرة تسعة أشهر من حياته يقضيها في رحم امرأة.

  • كل إسان له أعوام من حياته يقضيها في مهد تهزّه امرأة.

  • كل إنسان له نكسات وأمراض تعاينه وتمسح جبينه فيها امرأة.

بالمجمل فإن المرأة حين ترضع وترعى إنما هي ترضع وترعى المجتمع بكامله، وحين تهزّ مهد رضيعها فهي تهزّ مهد الانسانية، وحين تهمس له التهاليل قبل نومه إنما هي تربّي وتعلّم الأمة. كل طلقة في مخاضها هي طلقة في مخاض الأمة بأكملها. فإذا صح التعبير فإنّ المرأة تحمل الأمة في رحمها تسعة أشهر وتربّيها في مهدها إلى ما شاء الله.

المرأة أستاذ المجتمع ومعلمه وحارسه ومربّيه، كيفما كانت كان شكل المجتمع وقوامه. وكي نستقرئ شكل المجتمع مستقبلا وأهليته لنهضة الأمة يكفي أن ننظر إلى نتاج تربية نساء هذا المجتمع لأطفاله، لان الأطفال عماد الأسرة التي هي عماد المجتمع الذي هو عماد الأمة!

فلا خلاف على أن الأطفال هم خام الأمة وحجر بنائها وعليه فإن تربيتهم وتعليمهم والشكل الذي يصقلون عليه هو ما يحدد شكل البناء الذي سيشكّلونه!

يقول علماء الأسرة بأن شخص الإنسان يبنى على اول خمسة أعوام من عمره. ضمن عائلة طبيعية فإن الطفل في هذه الأعوام محكوم تماما برعاية ورقابة والدته. وبالنظر للظروف الحياتية التي فرضتها نظم الهيمنة الرأسمالية والتي تحكم “الرجل” بالعمل اكثر من نصف يومه لتحقيق الأمن المعيشي للأسرة فإن حمل المرأة ودورها الوظيفي في تربية وتأهيل الطفل-الأسرة-المجتمع-الأمة هو دور مضاعف وأكثر أهمية.

بالمحصلة فأن مهمة تربية وإنشاء الطفل, الأسرة, المجتمع وبالتالي “الأمة” أمانة تحملها أكتاف “النساء” وترعاها أياديهنّ الرحيمة وقلوبهنّ المشفقة. وعليه فالسؤال: هل يليق بمن على أكتافهنّ وبيني ايديهنّ وفي قلوبهنّ أمانة عجزت عنها الجبال وأشفقت منها، هل يليق بهنّ الوقوع أسارى في غياهب الإعلام الترفيهي ومجلات “الموضة” و “أخبار الفنّانين والفنانات”؟ هل مكانهنّ هو أرصفة مراكز التسوّق وصالونات التجميل؟ هل يجوز لهنّ “العزلة الاجتماعية” في “مواقع التواصل”؟؟

يتحمل “الرجال” قسماً كبيراً من مسؤولية عزوف “النساء” عن أداء مهامهنّ في حمل “الأمانة” وعليه فإن توعية “النساء” لدورهنّ ومكانهنّ الطبيعي في أسرة تنتج مجتمع ينهض بـ “أمّة” هو الخطوة الأولى في الطريق الصحيح ودونها فسنظل ندور في دوائر مغلقة ونستمر في إنتاج أجيال غثاء إلى ما شاء الله.


إعداد: فراس ديب

المصدر امة بوست

إرسال تعليق

 
Top