شرح حديث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
أما حديث عائشة هذا فهو نصف العلم ؛ لأن الأعمال إما ظاهرة وإما باطنة ،
فالأعمال الباطنة ميزانها حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى
)، وميزان الأعمال الظاهرة حديث عائشة هذا : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس
منه فهو رد) أي مردود على صاحبه غير مقبول منه . فأمر الله المراد به في
هذا الحديث شرع الله ، من أحدث فيه ما ليس منه فهو رد ، وفي هذا دليل واضح
على أن العبادة إذا لم نعلم أنها من دين الله فهي مردودة ، ويستفاد من هذا
أنه لابد من العلم ؛ لأن العبادة مشتملة على الشروط والأركان ، أو غلبة
الظن إذا كان يكفي عن العلم .
فالمهم أنه لابد من العلم أو الظن إذا دلت النصوص على كفايته وإلا فالعبادة
مردود ة . وإذا كانت العبادة مردودة فإنه يحرم على الإنسان أن يتعبد لله
بها ؛ لأنه إذا تعبد لله بعبادة لا يرضاها ولم يشرعها لعباده صار كالمستهزئ
بالله والعياذ بالله .
وفي اللفظ الثاني : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وهو أشد من
الأول ؛ لأنه قوله : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا ) يعني لابد أن نعلم بأن
كل عمل عملناه عليه أمر الله ورسوله وإلا فهو مردود ، وهو يشمل العبادات
ويشمل المعاملات ، ولهذا لو باع الإنسان بيعا فاسدا ، أو رهن رهنا فاسدا،
أو أوقف وقفا فاسدا ، فكله غير صحيح ومردود على صاحبه ولا ينفذ ، والله
أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين باختصار يسير.
إرسال تعليق