0

قوله : ( باب إثم من باع حرا ) أي : عالما متعمدا ، والحر الظاهر أن المراد به من بني آدم ، ويحتمل أن يكون أعم من ذلك فيدخل مثل الموقوف .

قوله : ( حدثنا بشر بن مرحوم ) هو بشر بن عبيس بمهملة ثم موحدة مصغرا بن مرحوم بن عبد العزيز بن مهران العطار فنسب إلى جده ، وهو شيخ بصري ما أخرج عنه من الستة إلا البخاري ، وقد أخرج حديثه هذا في الإجارة عن شيخ آخر وافق بشرا في روايته له عن شيخهما .

قوله : ( حدثنا يحيى بن سليم ) بالتصغير هو الطائفي نزيل مكة مختلف في توثيقه ، وليس له في البخاري موصولا سوى هذا الحديث ، وذكره في الإجارة من وجه آخر عنه ، والتحقيق أن الكلام فيه إنما وقع في روايته عن عبيد الله بن عمر خاصة ، وهذا الحديث من غير روايته ، واتفق الرواة عن يحيى بن سليم على أن الحديث من رواية سعيد المقبري عن أبي هريرة ، وخالفهم أبو جعفر النفيلي فقال : " عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة " قاله البيهقي والمحفوظ قول الجماعة .

[ ص: 488 ] قوله : ( ثلاثة أنا خصمهم ) زاد ابن خزيمة وابن حبان والإسماعيلي في هذا الحديث : " ومن كنت خصمه خصمته " قال
ابن التين : هو - سبحانه وتعالى - خصم لجميع الظالمين إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح ، والخصم يطلق على الواحد وعلى الاثنين وعلى أكثر من ذلك ، وقال الهروي الواحد بكسر أوله ، وقال الفراء الأول قول الفصحاء ، ويجوز في الاثنين خصمان والثلاثة خصوم .

قوله : ( أعطى بي ثم غدر ) كذا للجميع على حذف المفعول والتقدير أعطى يمينه بي أي : عاهد عهدا وحلف عليه بالله ثم نقضه .

قوله : ( باع حرا فأكل ثمنه ) خص الأكل بالذكر ؛ لأنه أعظم مقصود ، ووقع عند أبي داود من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا : " ثلاثة لا تقبل منهم صلاة " فذكر فيهم : " ورجل اعتبد محررا " وهذا أعم من الأول في الفعل وأخص منه في المفعول به ، قال الخطابي : اعتباد الحر يقع بأمرين : أن يعتقه ثم يكتم ذلك أو يجحد ، والثاني أن يستخدمه كرها بعد العتق ، والأول أشدهما . قلت : وحديث الباب أشد لأن فيه مع كتم العتق أو جحده العمل بمقتضى ذلك من البيع وأكل الثمن فمن ثم كان الوعيد عليه أشد ، قال المهلب : وإنما كان إثمه شديدا لأن المسلمين أكفاء في الحرية ، فمن باع حرا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له وألزمه الذل الذي أنقذه الله منه . وقال ابن الجوزي : الحر عبد الله ، فمن جنى عليه فخصمه سيده . وقال ابن المنذر لم يختلفوا في أن من باع حرا أنه لا قطع عليه ، يعني : إذا لم يسرقه من حرز مثله ، إلا ما يروى عن علي تقطع يد من باع حرا قال وكان في جواز بيع الحر خلاف قديم ثم ارتفع ، فروي عن علي قال : من أقر على نفسه بأنه عبد فهو عبد . قلت : يحتمل أن يكون محله فيمن لم تعلم حريته ، لكن روى ابن أبي شيبة من طريق قتادة : " أن رجلا باع نفسه فقضى عمر بأنه عبد وجعل ثمنه في سبيل الله " ومن طريق زرارة بن أوفى أحد التابعين أنه باع حرا في دين ، ونقل ابن حزم أن الحر كان يباع في الدين حتى نزلت وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ونقل عن الشافعي مثل رواية زرارة ، ولا يثبت ذلك أكثر الأصحاب واستقر الإجماع على المنع .

قوله : ( ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه ؛ لأنه استوفى منفعته بغير عوض وكأنه أكلها ، ولأنه استخدمه بغير أجرة وكأنه استعبده .

إرسال تعليق

 
Top