0
أيام الفتن - الهرج والمرج - القتل والمقتالة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الهرج كلمة شديدة الوقع على أسماع العارفين بنصوص الفتن
و هي تعني شدة القتل و تعني الكذب و تعني الاختلاط و لها معاني أخرى
لا داعي لذكرها
فالهرج هو أبشع صور الفتنة حيث تختلط الأمور
و تنقلب الموازين و تذوب الألفة و تموت الروابط
و تتقطع الأرحام و يذهب الحلم و الأنة فيصبح الناس أجسام بلا أحلام
كأنهم خشب مسندة
أو كما قيل
صورا بلا عقول أجساما بلا أحلام فراش نار وذبان طمع يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين يبيع أحدهم دينه بثمن العنز

مجمع الزوائد ج: 7 ص: 309
وعن حذيفة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة قال علمها ثم ربي ولا يجليها لوقتها إلا هو ولكن أخبرك بمشاريطها وما يكون بين يديها إن بين يديها فتنة وهرجا قالوا يا رسول الله الفتة قد عرفناها فما الهرج قال بلسان الحبشة القتل قال ويلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

*******

و إذا كانت الفتن قد غشيت الأمة بعد مقتل الفاروق مرات و مرات
فإن فتنة ما يعرف بأيام الهرج كما سمها نبينا محمد صلى الله عليه و سلم
لهي الأشد سواد و ظلمة
حتى أن بعض الأحكام الشرعية تتغير فيها
فيصبح الواجب خطر قد يؤدي بفاعله إلى النار
و أقصد أحكام الصائل
عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد
أما في أيام الهرج
( 3254 ) ( الصحيحة )
تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع والمضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير والقائم خير من الماشي والماشي خير من الراكب والراكب خير من المجري ، قلت: يا رسول الله! ومتى ذلك ؟ قال: ذلك أيام الهرج ، قلت: ومتى أيام الهرج ؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه . قلت: فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان ؟ قال: اكفف نفسك ويدك وادخل دارك . قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن دخل علي داري ؟ قال: فادخل بيتك . قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن دخل علي بيتي ؟ قال: فادخل مسجدك واصنع هكذا - فقبض بيمينه على الكوع - وقل: ربي الله حتى تموت على ذلك

*****
أظن أن الأمر فيه شيء كبير من الإرباك و لا بد أن الكثير يتساءل عن
في نفسه على الأقل
كيف أترك قاتلي يتنقل في غرف منزلي باحثا عني ليرديني
و أنا واضعا يدي على رأسي
و قد يتساءل أيضا عن مصير أهل بيته فيما لو تعرضوا أيضا للأذى
كيف يبقى خانعا كالمرأة لا يحرك أي ساكن
و العرض أغلى من الروح
*******
أيها الأخوة قبل الإجابة عما سبق علينا تحديد و توصيف هذه الفتنة العظيمة
لنعلم الحكمة الشرعية وراء ما أمرنا به حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم
في هذه الفتنة
نعلم جميعا قوله صلى الله عليه و سلم
إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل و المقتول في النار قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه
فالنية هنا تقوم مقام القتل هذا في الفتن عامة
أما في فتنة الهرج
فقد أمرنا رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم بعدم التذرع بأحكام الصائل
مخافة أن تكون النية وراء الدفع و القتل غير نية دفع الصائل
فيقع المحظور و يكون القاتل و المقتول في النار هذا أولا
ثانيا : لفتنة الهرج خصائص و سمات تميزها عن أي فتنة أخرى
أولها : أنها فتنة سوداء مظلمة الموت فيها خير من الحياة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" والذي نفسي بيده ، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ، ويقول: يا ليتني مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدين إلا البلاء "" . رواه مسلم .
ثانيها : و هو الأهم بنظري و الذي هو السبب الأعظم الذي لأجله قيدت أحكام الصائل
أن القاتل لن يكون سوى الابن أو الأخ أو الجار
أي أن القاتل لن يكون له أرب في هتك العرض و لن تكون هذه الفتنة
على الدنيا بقدر ما ستكون في الدين نفسه و الله أعلم
أي أن القاتل يظن أنه يرضي الله بما يفعل
و ما كان الله سبحانه ليقيد يد المؤمن و عرضه يهتك أمامه
*******
إن بين يدي الساعة الهرج ، قالوا: وما الهرج ؟ قال: القتل ، إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضا ، ( حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه قالوا: ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال: إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ، ويخلف له هباء من الناس ، يحسب أكثرهم أنهم على شيء ، وليسوا على شيء
*******
الآن علينا التساؤل عن ثلاث أمور
لماذا يقتل الرجل أقرب الناس إليه ؟؟
هل هذه الفتنة عامة ستطال كل الأمة ؟؟
ما السبيل إلى الخروج منها ؟؟؟
أخوتي سأجتهد محاولا الرد على بعضها و أترك ما تبقى للنقاش
****
أعلموا يرحمني و يرحمكم الله أن وراء هذه الفتنة العظيمة
دعوا شاذة و فرقة مارقة و إعلام و تبشير و أموال تدفع
و قد يكون هناك في الأفق مخطط يسلب ألباب الشباب
يجعل منهم أنعام في صور بشر
فمن يقف وراء هذا الإفك العظيم ؟؟
***
لو قلنا الدجال فليس هذا بزمانه و لا صفات هذه الفتنة منطبقة على صفات فتنة الدجال
و لو قلنا الغرب الحاقد فلن نستبعد أن يكون لهم الحظ الأوفر في ذلك
لكن نحن نبحث عن الشكل أو القالب الذي ستصاغ به هذه الفتنة
خصوصا لو علمنا أنه سيكون للدين الحظ الأوفر في ذلك


وعن
نافع عن ابن عمر أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا: إن الناس صنعوا ما ترى ، وأنت ابن عمر ، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج ؟ فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي المسلم . قالا: ألم يقل الله: [ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ] فقال ابن عمر: قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله . رواه البخاري
*******
أيها الأفاضل
إما أن الرافضة قد قطعوا شوطا بعيدا في دعوتهم و صار لهم في كل حي بؤرة
و إما دعوة جديدة ستفرق الناس و تقطع الأرحام و يكون تأثيرها على الأتباع شديدا
بحيث يقتل الأخ أخاه و الابن أباه و الجار جاره و هو يعتقد أنه على شيء
أما إن كانت الأولى فصاحب السرداب لا بد أن يظهر
هذا إن لم يكن سيناريو الظهور قد انتهى الإعداد له
فقطعان الماشية لا بد لها من راع غليظ العصى لا يرد له أمر
*******
هذا احتمال و الواقع لا يبشر بخير و الفتن تتساقط على الأمة كتساقط القطر
أجارنا الله و إياكم من الفتن
أما زمان حدوثها
فلا يعلم ذلك إلا الله
إلا إن النصوص النبوية تشير إلى بعض العلامات التي ستظهر
قبيل حدوث هذه الفتنة
8611 حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا عمرو بن يونس بن القاسم اليمامي ثنا جهضم بن عبد الله القيسي عن عبد الأعلى بن عامر عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنت في الحطيم مع حذيفة فذكر حديثا ثم قال لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة وليكونن أئمة مضلون وليخرجن على أثر ذلك الدجالون الثلاثة قلت يا أبا عبد الله قد سمعت هذا الذي تقول من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم سمعته وسمعته يقول يخرج الدجال من يهودية أصبهان عينه اليمني ممسوحة والأخرى كأنها زهرة تشق الشمس شقا ويتناول الطير من الجو له ثلاث صيحات يسمعهن أهل المشرق وأهل المغرب ومعه جبلان جبل من دخان ونار وجبل من شجر وأنهار ويقول هذه الجنة وهذه النار وسمعته يقول يخرج من قبله كذاب
قال قلت فما الثالث قال إنه أكذب الكذابين إنه يخرج من قبل المشرق يتبعه حشارة العرب وسفلة الموالي أولهم مثبور وآخرهم مثبور هلاكهم على قدر سلطانهم
عليهم اللعنة من الله دائمة قال فقلت العجب كل العجب قال وأعجب من ذلك سيكون
فإذا سمعت به فالهرب الهرب قال قلت كيف أصنع بمن خلفت قال مرهم فليلحقوا برؤوس الجبال قال قلت فإن لم يتركوا وذاك قال مرهم أن يكونوا أحلاسا من أحلاس بيوتهم قال قلت فإن لم يتركوا وذاك قال يا بن عمر زمان خوف وهرج وسلب قال قلت يا أبا عبد الله ما لهذا الهرج من فرج قال بلى إنه ليس من هرج إلا وله فرج ولكن أين ما يبقى لها إنها فتنة يقال لها الجارفة تأتي على صريح العرب وصريح الموالي وذوي الكنوز وبقية الناس ثم تنجلي عن أقل من القليل هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
*******
إن صح هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
فهناك فتنة سيقدح شررها الكذاب الأكبر و التي ستأتي على صريح العرب
و من دخل في ولايتهم من الأمم الأخرى ممن يعيشون الآن بينهم
و الله أعلم
وعن أبي بكرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" إنها ستكون فتن ، ألا ثم تكون فتن ، ألا ثم تكون فتنة ، القاعد خير من الماشي فيها ، والماشي فيها خير من الساعي إليها ، ألا فإذا وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كان له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه "" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض ؟ قال: "" يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ، ثم لينج إن استطاع النجاء ، اللهم هل بلغت ؟ "" ثلاثا ، فقال: رجل: يا رسول الله أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحدالصفين ، فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني ؟ قال: "" يبوء بإثمه وإثمك ، ويكون من أصحاب النار "" رواه مسلم
*****
وعن عبد
الله بن عمرو ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتنة تستنظف العرب ، قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف . رواه الترمذي ، وابن ماجه
******
و الأحاديث في باب التحذير من هذه الفتنة كثيرة جدا
أما مشاريطها فهي
أنها فتنة عامة و طامة
الطبراني الكبير الجزء الثاني
عَنْ عَاصِمِ بن أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بن سَلَمَةَ ، عَنْ عَزْرَةَ بن قَيْسٍ ، قَالَ : قَالَ خَالِدُ بن الْوَلِيدِ : كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بن الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، حِينَ أَلْقَى الشَّامُ بَوَانِيَهُ بِثَنِيَّةً وَعَسَلا ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَسِيرَ إِلَى الْهِنْدِ ، قَالَ : وَالْهِنْدُ فِي أَنْفُسِنَا يَوْمَئِذٍ الْبَصْرَةُ ، وَأَنَا لِذَلِكَ كَارِهٌ ، قَالَ : فَقَامَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا سُلَيْمَانَ اتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّ الْفِتَنَ قَدْ ظَهَرَتْ ، قَالَ : وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ ؟ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَهُ وَالنَّاسُ بِذِي بِلِّيَانَ ، وَذِي بِلِّيَانَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ فَيَتَفَكَّرُ هَلْ يَجِدُ مَكَانًا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ مِثْلَ الَّذِي نَزَلَ بِمَكَانِهِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ ، فَلا يَجِدُهُ ، قَالَ : وَأُولَئِكَ الأَيَّامُ الَّتِي ذَكَرَ َرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الْهَرْجِ ، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَدْرِكَنَا وَإِيَّاكُمْ تِلْكَ الأَيَّامُ

*******
ثم إن من مشاريطها أن يتقارب الزمان و تنتقص السنون و إنها اليوم لكذلك
حتى أن العام ليمر كلمح البصر
و في النص التالي توصيف دقيق لصفات الزمان الذي ستكون فيه هذه الفتنة العظيمة

مجمع الزوائد ج: 7 ص: 324
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يكون القرآن عارا ويتقارب الزمان وتنتقض عراه وتنتقص السنون والثمرات ويؤتمن التهماء ويتهم الأمناء ويصدق الكاذب ويكذب الصادق ويكثر الهرج قالوا ما الهرج يا رسول الله قال القتل ويظهر البغي والحسد والشح وتختلف الأمور بين الناس ويتبع الهوى ويقضى بالظن ويقبض العلم ويظهر الجهل ويكون الولد غيظا والشتاء قيظا ويجهر بالفحشاء وتروى الأرض دما قلت في الصحيح طرف منه رواه الطبراني ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف

إرسال تعليق

 
Top